الآلات الموسيقية
الآلات الموسيقية أدوات تخصص لإصدار صوت موسيقي ما، سواء استعملت لأهداف فنية عامة أم من أجل التسلية أو المتعة الخاصة.
ويرجع فهم مبدأ التصويت في الآلات الموسيقية إلى خواص الصوت الفيزيائية التي ينتج عنها اختلاف الأصوات فيما بينها بحسب مصدر الصوت وخصائصه. وهذه المصادر متعددة، إذ يمكن أن تكون وتراً، أو أنبوبة هوائية، أو رقاً (جلداً)، أو جسماً صلباً، أو حبالاً صوتية (كما هي عند الإنسان)، أو غير ذلك. واختلاف شكل المصدر حجماً يسبب اختلافاً في درجة الصوت أو طبقته pitch. ولا بد للمصدر من أن يرتكز على مضخم صوتي كي تدركه الأذن بوضوح فتميز درجته، وطابعه timbre، وشدته loudness.
وعندما يقرع الخشب أو المعدن أو الرق المشدود مثلاً، فإن كلاً منها يصدر صوتاً يختلف عن غيره. أما الناي [ر] المصنوع من الخشب فإنه لا يصدر صوتاً مختلفاً فعلياً عن مثيله، المصنوع من المعدن، إذ إن الاهتزازات الصوتيه الصادرة عن كل منهما تتفاوت تبعاً للهواء المنبعث من الآلة. وتصدق هذه الحال في الآلات الوترية التي يكون الوتر فيها هو المصدر الأساس للتصويت، إلا أنها تختلف فيما بينها في الطابع وطريقة اهتزاز هذا الوتر.
وتتشابه الآلات الوترية وآلات النفخ (التي تستخدم الأنبوبة الهوائية)، إلى حد ما، في مبدأ التصويت من حيث كون التواتر أو التردد (والمقصود عدد الاهتزازات في الثانية) في الأصوات التي تصدرها يتناسب عكساً مع طول الوتر أو الأنبوبة. فالأوتار أو الأنابيب الأكثر طولاً تصدر، إذا تساوت بقية الشروط، أصواتاً أقل تواتراً. ثم إن تواتر الأصوات التي تصدر عن الأوتار يتوقف كذلك على أقطار هذه الأوتار، وهذا ما يفسر وضع الأوتار وترتيبها من حيث طولها وقطرها في الآلات الموسيقية الوترية.
وفي آلات النفخ الخشبية مثلاً، يكون سد الثقوب أو تركها مفتوحة في الأنبوبة المصوتة، هو العملية اللازمة لجعل تلك الأنبوبة أكثر أو أقل طولاً. أما في آلات النفخ النحاسية، فإن استخدام المكابس pistons أو الغمازات valves أو سحب الأنبوبة، يقوم مقام الثقوب في آلات النفخ الخشبية إضافة إلى تقنية النفخ في مبسم الآلة piece mouth.
ويتوقف الصوت المميز لآلات النفخ على طول الأنبوبة المصوتة وشكل انسيابها، وعلى الوسيلة التي تسيَّر فيها حركة الهواء. فآلة البيكولو piccolo مثلاً (وهي فلوت [ر. الناي] flute صغيرة)، هي بقدر نصف طول الفلوت العادية، وتتميز بأصوات أكثر حدة. كما أن آلة الترومبون trombone هي أكثر طولاً من آلة الترومبيت trompet [ر. البوق]، لذا فإنها تصدر أصواتاً أكثر انخفاضاً. وتنتهي الأنبوبة المصوتة في آلات النفخ عامة بفتحة مخروطية الشكل على هيئة جرس تقوم مقام الصندوق المصوت في الآلات الوترية، كما أنها تساعدها، إضافة إلى مبسم الآلة وشكل انسياب أنبوبتها، على إضفاء اللون الموسيقي لها.
لمحة تاريخية
استعمل الأسلاف منذ فجر التاريخ بعض الآلات الموسيقية، ولكن تطور حضارة الإنسان أدى إلى تعديل وتغيير في عدد قليل منها وإلى إهمال وهجر أكثرها. ولم يبق منها إلا ما تُذكر به الآثار الفنية من منحوتات أو رسوم محفوظة في بعض متاحف العالم.
وإذا كان الإنسان القديم قد حاول تقليد الطبيعة ليستطيع التكيف معها، فمما لا شك فيه أنه استخدم الكثير من عناصرها. ومن هنا كانت بدايات التعبير الفني الإنساني وكانت الموسيقى من بين وسائل هذا التعبير. وعلى هذا الأساس، استخدم الإنسان حنجرته لمحاكاة أصوات الطبيعة وأصوات الحيوانات، ومن ثم التخاطب مع بني جنسه والغناء. وهكذا يمكن أن تعد الحنجرة أول آلة موسيقية عرفها الإنسان البدائي. ثم كان في جملة ما بدأ به الضرب بالأيدي والأرجل لإشباع الإحساس الإيقاعي عنده. ومع تطور حياته التدريجي صنع الإنسان الآلات الإيقاعية من أجسام صلبة خشبية أو معدنية ومن جلدية مشدودة. وهكذا، أخذ هذا الإنسان المواد الخام التي هيأتها له الطبيعة، وحوّلها إلى أدوات مصوتة بشتى الأشكال والصور فصنع الناي والمزمار من عود القصب، واتخذ من القواقع وأصداف البحر وسائل للنداء والتصويت، وصنع من جذوع الأشجار وجلود الحيوانات طبولاً، واتخذ من الأحجار المختلفة الأشكال والأطوال آلات إكسيلوفون xylophone أولية وغير ذلك من آلات الطرق والنقر والنفخ.
على أن وجهة النظر هذه المنطلقة من فكرة محاكاة الطبيعة واستخدام موادها ليست وحيدة؛ بل إن هناك وجهات نظر أخرى اعتمدت منطلقات مختلفة. فقد ذهب بعض الباحثين إلى تفحص ما ظهر لدى الشعوب الابتدائية انطلاقاً من الأساطير الإغريقية، وانطلق آخرون من كتابات» العهد القديم"، كما أخذ الكثير من الباحثين بما تقدمه الحفريات الأثرية والشواهد العيانية الثابتة. ولكن، مهما تنوعت وجهات نظر الباحثين، فإن ثمة حقيقة يجب أخذها بالحسبان وهي أن جوانب متعددة من تاريخ ظهور الآلات الموسيقية لا تزال غامضة أو متأثرة بما تحيكه الأساطير المختلفة.
يروى في الأساطير الشائعة أن أبولو Apollo إله الشمس والطب والفنون الجميلة عند الإغريق اخترع آلة الجنك (الهارب [ر]) harp؛ وقد صنعها من قوس صياد فضية شاداً بها الأوتار فكانت تعطي أنغاماً شجية كلما نقرت بالإصبع، واستلهم ذلك من اهتزاز وتر القوس بعد أن يطلق الصياد سهمه على الفريسة. وثمة أسطورة أخرى تروي أن قفصاً عظمياً لسلحفاة بقيت بعض العروق معلقة به بعد أن جفت بعد مدة طويلة، فكانت تهتز بتأثير الرياح أو لدى لعب أصابع إنسان بها وأنها غدت كالأوتار تحدث أنغاماً عذبة. وهكذا كانت آلة اللير lyre التي تعد اليوم رمزاً وشعاراً للموسيقى. وهناك أسطورة ثالثة تعزو اختراع العود[ر] إلى الحفيد السابع لآدم مستلهماً ذلك من جثة ابنه المعلقة على غصن شجرة. ومثل ذلك يقال في آلة الكنّار kinnor التي استعملت في سورية منذ أيام إبراهيم عليه السلام ونسبت إلى حفيد آخر لآدم.
وإذا تركنا الأساطير وحال الأقوام البدائية، ودخلنا مجال الحضارات القديمة فإننا نصادف تقدم الآلات الموسيقية في آسيا عامة، وعند الآشوريين بوجه خاص، ثم في مصر التي أخذ عنها الإغريقيون الذين أورثوها إلى أنحاء متعددة في العالم. لكن من الصعب القول إن منطقة ما قد اختصت بآلة واحدة أو بآلات موسيقية معينة، وذلك بسبب انتشارها وانتقالها من بلد إلى آخر نتيجة الهجرات والغزوات والتجارة. كما أن من غير المستبعد أن تكون آلة موسيقية ما، قد ولدت في منطقتين مختلفتين أو أكثر في آن واحد، كما هو شأن القسي والسهام والحراب والفؤوس التي استعملت أسلحة بدائية.
وتزخر مختلف متاحف العالم بأمثلة حية عن آلات موسيقية متعددة وجدت في مختلف المناطق الأثرية وغيرها؛ يعود تاريخ كثير منها إلى آلاف السنين.
وقد عثر المنقبون عن الآثار في المناطق السورية، مهد كثير من الحضارات القديمة، على آلات موسيقية مختلفة وصور عدة بأوصاف مسهبة كان كثير منها شائع الاستعمال. وثبت من هذه الحفريات الأثرية أن آلة القيثار kissar مثلاً، كانت شائعة الاستعمال هناك. وفي متحف اللوفر في باريس لوحة سومرية من نحت بارز، تمثل عازفاً على آلة السيتار cetra (آلة صغيرة الحجم تشبه آلة القانون أو السنطور) يعزف بكلتا يديه، وعازفاً آخر، راعياً، على آلة ناي مستقيمة. وثمة حضارات قديمة كالصينية والفارسية والمصرية والإغريقية طورت آلات موسيقية مختلفة ما يزال الكثير منها يتصدر أروقة المتاحف العالمية.
وتُرْجع دراسات علم الآثار (وكذلك علم الأيقنة iconography) صناعة الآلات الموسيقية الهوائية إلى عصور ما قبل التاريخ. فقد عثر في بلاد الباسك Basque على ناي مصنوعة من العظم المثقب يرجع تاريخها إلى العصر الحجري. كما وجدت أبواق في شمالي أوربة من العصر البرونزي. أما الآلات المصنوعة من المعدن فتعدّ أكثر حداثة إذ إن تصنيع المعادن جاء مع تقدم الحضارة والتقنية.
ومع تطور الآلات الموسيقية الوترية، شهدت القرون الوسطى آلات النقر مثل الجنك واللير والبْسالْتيري psaltery، وآلات القوس الوترية مثل الهوردي ـ غوردي hurdy-gurdy والكروث cruth والفييل vielle، وبعض آلات النفخ مثل الترومبيت والقرن horn والشوم shawm وناي الريكوردر recorder والفلوت. كما تطورت الآلات ذات لوحة الملامس keyboard وخاصة الأرغن، وكذلك بعض الآلات الإيقاعية التي وردت من آسيا كالمقارع castañets والطبول. وأما آلة العود فقد انتقلت من البلاد العربية إلى أوربة واستقر اسمها على لفظة» لوت «luth. وبازدياد تقدم الموسيقى الآلية في عصر النهضة (1450- 1600)، بدأت تصنع بعض الآلات الموسيقية في مجموعات مختلفة الأحجام والأشكال سميت بالأسرة، مثل أسرة الفيول viol (جدة آلة الكمان)، وأسرة ناي الريكوردر وغيرها. كما كان العود والأرغن بأحجامهما المختلفة، الآلتين المختصتين بالعزف المنفرد الأوسع شيوعاً. والكثير من معرفتنا اليوم عن هذه الآلات، ولاسيما القديم منها، جاء من المعلومات التي ذكرها علماء ذلك العصر ومؤرخوه. وفي عصر الباروك (1600 - 1750) احتلت الأسر الوترية كالفيول والعود والغيتار guitars مكانتها المرموقة، وكذلك تطورت أسرة الكمان violin. وشهد عصر الاتباعية وعصر ما قبل الاتباعية preclassic تطوراً ملحوظاً في الفرق الموسيقية، وظهور البيانو[ر] piano.
وفي القرن التاسع عشر، تحسنت صناعة آلات النفخ الخشبية مثل الفلوت والكلارينيت clarinet[ر. اليراعة] بفضل عازف الفلوت الألماني بوم T.Böhmِ(1794 - 1881) الذي ابتكر نظام الثقوب والمفاتيح، واستطاع العازفون بفضل ذلك أداء النغمات الصحيحة في السلالم الموسيقية المختلفة. كما أدى اختراع المفاتيح وأجهزة المكابس في آلات النفخ النحاسية إلى إمكانية أداء السلم الملون chromatic فيها. وأدى تحسين صناعة هذه الآلات أيضاً إلى ظهور آلات أخرى. وكان في مقدمة الرواد في هذا المجال صانع الآلات البلجيكي أدولف ساكس (1814-1894)A.A.J.Sax الذي أطلق اسمه على بعضها مثل الساكسهورن saxhorn والساكسوفون saxophone.
وفي النصف الأول من القرن العشرين ظهرت مجموعة جديدة من الآلات الموسيقية الإلكترونية مازالت تتطور حتى اليوم. على أن بعضهم مازال يحاول إحياء بعض الآلات الموسيقية القديمة في أوربة مثل العود والآلات المزودة بلوحة الملامس كالأرغن والهاربسيكورد harpsichord والكلافيكورد clavichord (جد آلة البيانو) في حفلات وتسجيلات موسيقية لموسيقى ما قبل القرن العشرين.
تصنيف الآلات الموسيقية
إن الآلات الموسيقية التي ابتكرها الإنسان وصنعها منذ القديم تكاد لا تعد ولا تحصى. وكان كثير من هذه الآلات يتصف بصفات متشابهة، ولاسيما القديمة منها، فاختلطت الأسماء فيما بينها حتى أطلق الاسم الواحد على عدة آلات موسيقية. كما اتخذت الآلة الواحدة في كثير من الأحيان أسماء متعددة.
ولما كانت هذه الآلات ذات صفات مختلفة، سواء في الصنع أو في طريقة التصويت أو طريقة العزف عليها، فقد صنفها الأقدمون ووضعوها في فئات ومجموعات بطرائق متباينة؛ فمنهم من اعتمد المادة التي صنعت منها الآلة الموسيقية أساساً للتصنيف كالحجارة والمعادن والجلود والأخشاب، ومنهم من وجد أن طريقة إصدار الصوت في الآلة أمر جدير بالاهتمام. ورأى آخرون أن طريقة العزف هي الأساس في البحث والتصنيف.
فقد صنف الصينيون القدماء الآلات الموسيقية في ثمانية أصناف بحسب المواد الأساسية التي صنعت منها الآلة من دون النظر إلى طريقة التصويت فيها أو العزف عليها. وهذه الأصناف هي: الجلود (دفوف)، والحجارة (وسائل صوتية حجرية)، والمعادن (أجراس وصُنوج)، والطين المشوي (أوكارينا ocarina أو درابُكّة فخارية)، والخيوط الحريرية أو المعوية (أوتار)، والخشب (مصفقات وغيرها)، والقصب (الناي)، ونبات الدباء calebasse (آلات ذات جوف هوائي أو نفخ بالفم). وهكذا، كانت الآلات الموسيقية عندهم مصنوعة من العناصر الأساسية الموجودة في الطبيعة من حيوانات ونباتات ومعادن. كذلك صنف سكان بلاد الشام القديمة الآلات الموسيقية وفق المواد التي صنعت منها. وكان يسبق اسم الآلة علامة تدل على المادة التي صنعت منها.
وأما في الحضارة العربية الإسلامية فقد تم اعتماد مبدأ آخر في التصنيف. فالفارابي [ر] دعا إلى تصنيف ثنائي أساسي، إذ ذكر في» كتاب الموسيقى الكبير «أن الجسم أو العضو يهتز إما بفعل يد الإنسان أو بوساطة جهاز نفخ، وبيّن أن هناك آلات موسيقية يُضرب فيها الجسم أو يُنقر أو يُحك أو غير ذلك من طرائق العزف، وآلات أخرى يُحدث فيها النغم بتسرب الهواء في تجويفاتها بفعل النفخ فيها. ويمضي الفارابي في إيضاح الفرق بين الآلات الوترية التي يجر عليها القوس والآلات التي تضرب بمضراب أو بريشة، فيذكر أن منها ما تُحرك أوتارها فتهتز ومنها ما يُحدث فيها النغم بأن يجر على أوتارها أوتار أخر، أو ما يقوم مقام الأوتار إلى غير ما هنالك، وبذلك يكون الفارابي قد اعتمد في تصنيفه على كيفية إحداث الأصوات وخروجها من الآلة. وهذه الكيفية هي مبدأ التصنيف المتبع اليوم في سائر أنحاء أوربة وأمريكة.
وكذلك صنف ابن زيلة [ر]، الآلات الموسيقية في كتابه «الكافي في الموسيقى» بحسب طرق الاهتزاز فيها وسبل العزف عليها، فجعلها في ثلاثة أنواع هي: ذوات الأوتار، وآلات النفخ، وآلات القرع أو النقر. ثم عدّد الآلات الموسيقية ومواصفات كل منها.
وكان الإغريق والرومان قبل ذلك قد ميزوا بين ثلاثة أنواع من الآلات الموسيقية: الآلات الوترية وهي التي يكون الوتر فيها مصدر التصويت الرئيسي، والآلات النفخية وهي التي تعتمد اهتزاز الهواء عن طريق النفخ فيها، والآلات الإيقاعية وهي الآلات والأدوات التي تستخدم لغرض الإيقاع وتحديد الزمن. وقد أضيفت إلى هذه الأنواع الثلاثة فيما بعد الآلات ذات لوحة الملامس كالأرغن والبيانو. إلا أن هناك تداخلاً في هذا التصنيف بين بعض فئاته. فالبيانو مثلاً آلة ذات لوحة ملامس، وهي كذلك آلة وترية أصلاً، ومن الجائز أيضاً تصنيفها ضمن فئة الآلات الإيقاعية. ومثل ذلك يقال في آلات موسيقية متعددة أخرى.
أما علماء الهند القدماء فصنفوا الآلات الموسيقية تصنيفاً رباعياً على النحو التالي: الآلات الوترية، وآلات النفخ الخشبية والنحاسية، والآلات الإيقاعية الرقّية (أي الغشائية الجلدية)، وأخيراً الآلات الإيقاعية المعدنية. وقد أخذ بهذا التصنيف عالم الصوتيات البلجيكي تشارلز ف. ماهيّونCh.V.Mahillon (1841- 1924)، وجعل طريقة اهتزاز الجسم المصوت في الآلة أساساً لتصنيفه ووضع الآلات في أربع أصناف هي: الوترية cordophones كالعود والكمان [ر] وغيرهما، والهوائية aerophones وهي التي تصدر الصوت عن اهتزاز الهواء فيها كآلتي الفلوت والبوق، والرقية الجلدية membranophones وهي التي يتسبب الجلد أو الغشاء المشدود فيها في إصدار الاهتزازات الصوتية كالطبل مثلاً، والآلات الذاتية الأصوات autophones وهي التي يصدر الصوت منها مباشرة، والمصنوعة من المعدن أوالخشب أو من مواد أخرى كالزجاج وغيره، مثل الأجراس bells والمخشخشات maracas rattles والكؤوس الزجاجية. وبعد ذلك وضع العالم الألماني ـ الأمريكي كورت زاكس (1881-1959)Curt Sachs بالتعاون مع زميله النمسوي إريك فون هورنبوستل (1877-1935)E.Von Hornbostel تصنيفاً حديثاً اعتماداً على نظام ماهيّون مع إجراء بعض التعديلات الطفيفة عليه وتوسيعه. فقد أبدلا مصطلح «ذاتية الأصوات» وجعلاه «المتميزة الأصوات» (الإيديوفونية) idiophones. ومازال نظام التصنيف هذا قابلاً للنقد مع أنه استأثر باهتمام معظم الدارسين لنظم الآلات الموسيقية في العالم.
ينطوي التصنيف المعمول به اليوم على فئات خمس من الآلات الموسيقية هي: الوترية، والهوائية، والمتميزة الأصوات (وتشمل عدة آلات وأدوات إيقاعية كآلات الضرب، وآلات الاهتزاز والارتجاج، وآلات الاحتكاك، وآلات الدلك)، والآلات الرقّية، والآلات الإلكترونية electrophones (وقد دخلت التصنيف حديثاً) وهي آلات تصدر أصواتها باستعمال الكهرباء أو الوسائل الإلكترونية التي تحول الأصوات إلى العد الثنائي وتعيدها أصواتاً عند العزف، وفي المخطط التالي بعض الأمثلة لكل نوع من هذه الفئات الخمس.
تفصيل التصنيف الخماسي للآلات الموسيقية
أصناف الآلات الموسيقية
الآلات الموسيقية خمسة أصناف، وهي كما يأتي.
1 ـ الآلات الوترية:
تتألف الآلة الموسيقية الوترية من عنصرين أساسيين:
ـ وتر أو أوتار مصنوعة من أمعاء الحيوان أو من مادة النّيلون nylon أو من أسلاك معدنية خاصة.
ـ ألواح خشبية جافة رقيقة قابلة للاهتزاز تكون قاعدة لوضع الأوتار عليها، تؤلف ـ في معظم الحالات ـ صندوقاً أجوف تكون له أحياناً فوهة أو عدة فوهات في الوجه الأمامي منه لتسهيل عملية الطنين أو الرنين. وتكون وظيفة هذا الصندوق تضخيم الأصوات الناتجة عن اهتزاز الأوتار المشدودة عليه بإحدى أساليب النقر أو الضرب أو الطرق أو الدلك.
وتؤلف بعض الآلات الوترية مجموعة أو مجموعات آلات يطلق عليها اسم «الوتريات» strings، فمن الممكن تأليف ثنائي وتري string duet، وثلاثي وتري string trio أو أكثر من ذلك. على أن من أشهر هذه المجموعات وأهمها الرباعي الوتري string quartet [ر. الثنائي والثلاثي والرباعي]. المؤلف من أسرة الكمان (اثنتين من الكمان وفيولا viola وتشيلو cello)، كما يمكن تأليف فرقة موسيقية وترية تضم جميع آلات أسرة الكمان (كمان، فيولا، تشيلو، كونترباص double bass) بأعداد كبيرة وتسمى حينئذ الفرقة (الأوركسترا) الوترية. وقد يضاف إليها، في بعض الأحيان، بعض الآلات الإيقاعية. وفي حال إضافة آلة الهارب، وبعض آلات النفخ الخشبية والنحاسية، تصبح المجموعة فرقة موسيقية متكاملة. وتبقى أسرة الكمان دعامة كثير من الفرق الموسيقية المختلفة، إذ تعززت مكانتها منذ أوائل القرن السابع عشر على حساب آلات الفيول.
وتتميز أسرة الكمان بالصفات التالية:
ـ القدرة على الأداء في المجال الصوتي الذي يعادل البيانو تقريباً، من أخفض الأصوات فيه حتى أحدِّها.
ـ الإمكانات التعبيرية الفائقة في مختلف المجالات الفنية.
ـ إمكان تأليف فرقة موسيقية خاصة منها دون الاستعانة بآلات أخرى.
ـ القدرة على أداء أجزاء الصوت كالسلالم والمقامات العربية [ر. الموسيقى العربية].
ـ عدّها دعامة الأوركسترا السمفونية وكثير من الفرق الموسيقية الأخرى.
ـ اهتمام معظم المؤلفين الموسيقيين بالتأليف لها، فردياً وجماعياً، أكثر من سواها من بقية الآلات الموسيقية.
كذلك تعتمد الفرق الموسيقية الشرقية، ولاسيما العربية منها، بعض الآلات الوترية أساساً: فالعود والقانون [ر] هما عماد الموسيقى العربية.
والآلات الوترية كثيرة جداً ومتنوعة. وفيما يلي وصف لتلك التي لم يفرد لها بحث مستقل.
ـ البالالَيكا balalaika: آلة شعبية شهيرة في منطقة أوكرانية الروسية وفي بعض بلدان شرقي أوربة، وهي على شكل مثلث ولها زند طويل ذو دساتين.
ولهذه الآلة ثلاثة أوتار تضرب بالريشة، يضبط اثنان منها بطبقة» مي «الوسطى، والثالث بطبقة» لا «أعلاها. تستخدم البالاليكا في مرافقة الأغاني والرقصات الفولكلورية.
ـ البانجو banjo: آلة شعبية أمريكية، ذات أصل إفريقي، لها زند طويل ذو دساتين وجسم مستدير الشكل مغطى برق جلدي مشدود، يشد عليه ما بين خمسة أوتار وتسعة، وتضرب بالريشة. تستخدم هذه الآلة في الموسيقى الشعبية والراقصة.
ـ البزق: آلة تشبه العود الصغير وهي ذات زند دقيق وطويل مقسم إلى دساتين، ولها وتران مزدوجان أو أكثر، وتنقر بالريشة، ويقابلها الطنبور أو الطنبورة في تركية.
ـ الجمبش: آلة شعبية من أصل تركي مستعملة في الشمال الشرقي من سورية وفي بعض الأجزاء من آسية الوسطى. والجمبش تشبه البانجو شكلاً ولكن زندها أقل طولاً، يشد عليه ما بين أربعة إلى ستة أوتار معدنية مزدوجة تضبط كأوتار العود وتنقر أو تضرب بالريشة.
ـ الجنك.
ـ الرباب أو الربابة: آلة قديمة جداً جاء ذكرها في الكتاب المقدس. ويعود استعمال القوس في الآلات الوترية في بلاد المشرق إلى أكثر من خمسة آلاف عام قبل الميلاد، ولكن أقدم إشارة عربية إلى استعمال القوس تعود إلى الفارابي. والربابة هي الآلة الوترية العربية الحقيقية، وهي أصل آلة «الفيول». ويختلف اسم الربابة وشكلها من بلد إلى آخر وكذلك عدد أوتارها. والشائع منها في منطقة الشرق الأوسط الربابة ذات الشكل المربع أو المستطيل، المقوس الجانبين نحو الداخل، يشد على إطارها الخشبي رقّان من الجلد على الوجه العلوي منهما وتر مشدود يجر عليه بالقوس. وقد سميت أيضاً «رباب الشاعر» لأن العرب كانوا، في حالات، ينشدون أشعارهم بمصاحبتها. والمنطقة الصوتية للربابة محدودة جداً لا تتجاوز الفاصلة الخماسية (خمسة إصوات) في أغلب الأحيان. ومن أشكال الرباب، «الأرنبة» وهي تركية المنشأ انتشر استعمالها في بلاد البلقان، و«الرباب المغربي» المستعمل في المغرب العربي، و«الرباب المصري» المستدير الشكل غالباً، و«الجوزة العراقية»، و«الكمنجة الفارسية»، و«الرافاناسترون» ravanastrone الهندية.
ـ السنطور: آلة من أصل شرقي تعود إلى القرون الوسطى ولها أصول آشورية وهندية، تشبه القانون إلى حد ما، ذات شكل شبه منحرف تقريباً، أوتارها من المعدن تطرق بمضربين معقوفين إلى الأعلى قليلاً، وهي شائعة الاستعمال في المجر. وقد انتقلت هذه الآلة إلى أوربة عن طريق الأندلس وأطلقت عليها عدة أسماء مثل دلسيمر dulcimer وبْسالْتيري وتيمبانون tympanon وهاكْبْريت hackbrett التي تطورت عنها فيما بعد آلة الكلافيكورد ومن ثم آلة البيانو. وقد صنع نموذج من السنطور في نهاية القرن التاسع عشر، يرتكز على أربعة قوائم.
ـ الماندولين mandolin: آلة تشبه العود الصغير، ولها أربعة أوتار معدنية مزدوجة تنقر بالريشة وتضبط كأوتار الكمان. وتعود أصولها إلى آلة الماندورا mandora في القرن السادس عشر المقتبسة من العود العربي. وللماندولين شهرة واسعة في منطقة نابولي الإيطالية. كَتَب لهذه الآلة، منذ القرن الثامن عشر، مؤلفون عديدون أمثال: فيفالدي [ر] Vivaldi وهندل[ر] Händel، وموتسارت[ر] Mozart، وبتهوفن[ر] Beethoven، وسترافنسكي[ر] Stravinsky وكثير غيرهم.
ـ النشأة كار: آلة تركية الأصل تشبه العود ولكنها أصغر حجماً وأطول زنداً، تشد عليها ستة أوتار معدنية مزدوجة تضبط كأوتار العود وتنقر بالريشة.
ـ المونوكورد monochorde: وتسمى كذلك وحيدة الوتر، آلة قديمة جداً ذات وتر واحد مشدود فوق صندوق طنين خشبي. يتبدل الصوت فيها بتحريك مسند خشبي chevalet bridge هو كالجسر المتحرك تحت الوتر يزيد في طوله أو ينقصه.
2ـ الآلات الهوائية
ثمة آلات موسيقية كثيرة ينتج الصوت فيها عن طريق تيار الهواء الذي يهتز في دخوله أو خروجه، ضمن أنبوبة مجوفة أو في جسم الآلة، وذلك نتيجة النفخ بالفم أو عن طريق جهاز كالمنفاخ.
وتوضع الآلات الهوائية في خمس فئات هي: الخشبية، والنحاسية، وذات الخزان الهوائي، وذات الألْسنة المعدنية، والمزودة بلوحة ملامس. ويمكن للآلة الواحدة أن تكون في أكثر من فئة من هذه الفئات.
تصنع بعض الآلات النحاسية من النحاس فقط، ويصنع بعضها الآخر من خليط من بعض المعادن ويبقى اسمها العام آلات نحاسية. يهتز الهواء في أقنية هذه الآلات حين ينفخ العازف فيها بوساطة مبسم معدني مصنوع على هيئة فنجان صغير، كآلة الترومبيت. أما الآلات الخشبية فتصنع من القصب أو من خشب قاس كالأبنوس (الساسَم)، أو التي تصنع من بعض المعادن كالساكسوفون، والفلوت، أو التي تصنع من الفضة أو الذهب أحياناً، وتقع كلها في صنف الآلات الخشبية، فإن الهواء يدخل من فم العازف في أنبوبتها من إحدى فوهتيها مباشرة كالناي، أو من ثقب جانبي كالفلوت، أو بوساطة ريشة قصبية مفردة كالكلارينيت أو مزدوجة كالأوبوا. أما الآلات ذوات المستودع الهوائي فهي آلات ذات جهاز كالمنفاخ يحرك بالضغط لتحريك الهواء في داخله، كالأرغن وقربة الزمر musette bagpipe. وهناك آلات لها ألْسنة معدنية حرة، تكون فولاذية على الأغلب، تهتز بفعل الهواء المنبعث من فم العازف كالهارمونيكة harmonica، أو من منفاخ كالأكورديون accordion والهارمونيوم harmonium. وبعض هذه الآلات مزود بلوحة ملامس كالأرغن والهارمونيوم والأكورديون.
ومن أهم أنواع الآلات الهوائية آلات النفخ الخشبية والنحاسية، وقد طور الغرب هذين النوعين لاستخدامهما في مجالات موسيقية متعددة. ولهذا تتألف مجموعات آلات تضم نوعاً أو عدة أنواع من الآلات الهوائية وفق الغاية الموسيقية المقصودة. فإضافة إلى الثنائيات والثلاثيات والرباعيات وغيرها، هناك فرق موسيقية تضم معظم أنواع آلات النفخ النحاسية فضلاً عن الطبول من الآلات الإيقاعية وتسمى فرقاً موسيقية عسكرية (فانفار fanfare). وتضم أوركسترا الهارموني [ر. الفرقة الموسيقية]. بعضاً من آلات النفخ الخشبية والنحاسية والإيقاعية، مضافاً إليها عدد من آلات التْشيلّو والكونترباص الوترية. وكذلك قد تضم بعض الفرق للموسيقى الراقصة المسماة فرق الجاز jazz-band بعض آلات النفخ الخشبية كالكلارينيت والساكسوفون، وبعض آلات النفخ النحاسية كالترومبيت والترومبون، وبعض الآلات الإيقاعية. والفرقة الموسيقية التقليدية المسماة بالأوركسترا السمفونية تضم، إضافة إلى آلة الهارب ومجموعة أسرة الكمان والكثير من الآلات الإيقاعية المختلفة، عدداً من آلات النفخ الخشبية كالفلوت والبيكولو والأوبوا oboe والكلارينيت والقرن الإنكليزي English horn، والباسّون bassoon والباسّون الخفيض double bassoon، وعدداً من آلات النفخ النحاسية كالترومبيت والترومبون والقرن الفرنسي French horn أو الكور cor والتوبا tuba وغيرها، وذلك وفق الكتابة المعدة لهذه الآلات الخاصة في القطعة الموسيقية.
وتتميز آلات النفخ الخشبية والنحاسية بقدرتها الصوتية انطلاقاً من الأصوات الضعيفة pianissimo حتى أشدها قوة fortissimo [ر. الموسيقى]. وتمتلك آلات النفخ النحاسية قدرة صوتية أكثر صُداحاً من آلات النفخ الخشبية التي تأخذ وضعاً وسطاً بين النحاسية والوترية. فإذا امتزجت آلات النفخ الخشبية أو النحاسية مع آلات أسرة الكمان أو تحاورت معها، فإنها تستطيع أن تصدر أصواتاً تكون بنعومة هذه الأخيرة ولطافتها. وأما في الصداح (شدة الصوت)، فإن قوة آلات النفخ تكون جلية وواضحة.
ومنذ أواخر النصف الأول من القرن العشرين، حظيت بعض آلات النفخ الخشبية والنحاسية بالنجاح والشهرة بفضل عدد من عازفي الكلارينيت والساكسوفون والترومبيت المنفردين solists في موسيقى الجاز.
ويطلق على بعض آلات النفخ الخشبية والنحاسية اسم الآلات المحوّلةtransporting instruments لأنها تؤدي درجات موسيقية أعلى أو أدنى من الموسيقى المدونة لها. فآلة البيكولو مثلاً تؤدي الدرجات الصوتية بديوان (ثماني درجات octave) أعلى من الدرجات المدونة لها.
ويلحق ببعض الآلات المحوّلة اسم الدرجة الفعلية التي تضبط عليها مثل: الساكسوفون (في «سي بيمول») sax in B flat، أو الكلارينيت (في «لا») clar. in A، أو الترومبيت (في «رَهْ») tromp. in D وغيرها، أي إن هذه الآلات تؤدي درجة «دو ـ C» المدونة لها بطبقة صوتية فعلية تماثل الدرجة الموسيقية المسماة بها.
وقد تكون هذه الدرجات منخفضة عن درجة «دو» الوسطى عندما تكون الآلة المحوّلة ذات طبقة صوتية منخفضة، وقد تنخفض إلى أكثر من ديوان في بعض الأحيان. وتكون أعلى من الكتابة الموسيقية المدونة لها عندما تكون هذه الآلة ذات طبقة صوتية حادة.
وفيما يلي، بعض آلات النفخ بحسب أنواعها علماً أن بعضها قد يدرج في نوعين أو ثلاثة معاً، وقد أفرد للمهم منها بحث خاص به.
أ ـ آلات النفخ الخشبية [ر. الناي واليراعة] ومن آلاتها القديمة:
الجناح أو المصفار panpipe syrinx: وهوآلة نفخ بسيطة قديمة تتألف من أنابيب متجاورة مقاساتها مختلفة ومرتبة بحسب أطوالها مسدودة من طرفها السفلي ويشدّ بعضها إلى بعض بإحكام. يمكن أن تتكون مادة أنابيب الجناح من القصب أو الخشب أو العاج أو المعدن. ويتنقل العازف نفخاً فوق فوهاتها العلوية من أنبوبة إلى أخرى لتؤدي كل واحدة منها نغمة موسيقية واحدة.
وقد انتشرت هذه الآلة في الماضي عند شعوب كثيرة، واستعملها الرعاة الإغريق باسم سيرنكس. وتنسب الأساطير الإغريقية اختراعها إلى إله الرعاة «بان» Pan. وقد أطلق عليها العرب اسم الشعيبية نسبة إلى النبي شعيب.
ب ـ آلات النفخ النحاسية [ر. البوق].
ج ـ الآلات ذات الخزان الهوائي، ومنها:
قربة الزمر: وهي زق (جراب) من الجلد يستخدم مخزناً للهواء ينفخ فيه العازف بقصبة أو مزمار لملئه بالهواء. وتربط بالقربة عدة مزامير تصدر أصواتاً متصلة ومرافقة لمزمار منها له ثمانية ثقوب، على الأغلب، يعطي الألحان الأساسية المراد أداؤها. ويعود تاريخ هذه الآلة إلى أكثر من ألفي عام، وقد عرفت مثيلاتها في آسيا وشمالي إفريقية. وانتشرت في أوربة، وفي فرنسة بالذات، في القرنين السابع عشر والثامن عشر. كما غدت الآلة الشعبية المفضلة في اسكتلندة. وقد أطلق ابن زيلة على ما يشابه قربة الزمر في كتابه» الكافي في الموسيقى"، اسم» مزمار الجراب".
د ـ الآلات ذات الألْسنة المعدنية، ومنها:
الهارمونيكة: وتسمى أيضاً أرغن الفم mouth organ. ذكرت في المراجع العربية باسم المشتق أو المستق mustak أو المشتق الصيني للدلالة على كونها مستوردة من بلاد الصين. والهارمونيكة آلة صغيرة بشكل علبة مستطيلة، في مقدمتها ثقوب مربعة وتغطي أحد وجهيها أو كليهما من الداخل صفيحة أو صفيحتان معدنيتان تثبت على كل منهما عدة ألْسنة معدنية، فولاذية على الأغلب، مختلفة الحجوم. وينفخ العازف فيها شهيقاً وزفيراً فتهتز الألسنة المعدنية مصدرة النغمات المطلوبة.
توجد عدة حجوم من هذه الآلة، بدءاً من أصغرها التي توضع كاملة في الفم. وقد تكون لعبة من ألعاب الأطفال أو آلة أساسية. وقد كتب لها بعض المؤلفين الموسيقيين ألحاناً أوركسترالية، مثل داريوس مِيّو [ر] Milhaud الفرنسي، وفون وليمز[ر] Vaughan Williams الإنكليزي.
ـ الهارمونيوم: وهي من الآلات ذات لوحات الملامس، تعمل على مبدأ الأكورديون تقريباً. وللهارمونيوم منفاخ ذو دوّاسة أو دوّاستين تحركان بالقدمين في أسفل الآلة، ويمرّ الهواء المضغوط على ألْسنة معدنية موجودة داخل الآلة حين يضغط العازف على ملامس اللوحة فتهتز. والهارمونيوم آلة مزودة أيضاً بمفاتيح إضافية لأداء أصوات مشابهة لبعض آلات النفخ الخشبية.
ابتكرت هذه الآلة في فرنسة في الربع الثاني من القرن التاسع عشر، وغدت آلة شعبية منتشرة في كثير من البيوت الأوربية. ولما كانت طبيعة أصواتها شبيهة نوعاً ما بأصوات الأرغن، فقد استخدمت في الكنائس، ولاسيما الصغيرة منها، إذ يتعذر وجود الأرغن الكبير.
3 ـ الآلات الإيقاعية
تستخدم معظم الآلات، من صنفي المتميزة الأصوات والرقية (الجلدية) لغرض الإيقاع في الموسيقى، لهذا تستعمل في الأوركسترا باسم الآلات الإيقاعية. وقد استقطبت اهتمام عدد غير قليل من المؤلفين الموسيقيين فاستخدموا الكثير من طاقاتها وميزاتها الإيقاعية، سواء في الموسيقى التقليدية أو في موسيقى الجاز أو الموسيقى الشعبية.
والمبدأ الأساسي للتصويت في الآلات الإيقاعية هو القرع percussion، أي ضرب أدوات مصوتة، بطرائق متعددة، كالصدم أو النقر أو الطرْق أو الحكّ أو الهزّ أو الدّلْك إلى غير ذلك من أساليب التصويت المختلفة. على أن هذه الآلات، مهما اختلفت أشكالها، تعود إلى صنفين أساسيين: أولهما، آلات ذات أصوات غير معيّنة الحدة indefinite pitch تستعمل للإيقاع فقط، لأنها تصدر أصواتاً مبهمة لا تماثل أياً من درجات السلم الموسيقي، ومنها الطبل الكبير والصغير، والمثلث، والطبق الرنان وغيرها الكثير. وثانيهما، آلات ذات أصوات معينة الحدّة definite pitch تستعمل للإيقاع والنغم معاً، إذ إنها تصدر أصواتاً معينة تطابق درجات صوتية مميزة في السلم الموسيقي فتمكنها من تشكيل نغمات وألحان موسيقية بحسب إمكاناتها الصوتية، كالتيمباني والإكسيلوفون والسيليستا celesta.
تستخدم الآلات الإيقاعية في معظم الفرق الموسيقية على اختلاف أنواعها، إذ إن مهمتها الرئيسة ضبط الإيقاع وإضفاء اللون الزخرفي الإيقاعي على القطعة الموسيقية، وقد يصل عددها في بعض الفرق الموسيقية إلى ما ينوف على ثلث عدد الآلات التي تستعملها الفرقة.
ولعل أولى الآلات الموسيقية التي صنعها الإنسان كانت من فصيلة الآلات الإيقاعية وقد استخدم في صنعها الأدوات الطبيعية التي كانت تحيط به كالعصي والحجارة وثمار القرع وجذوع الأشجار المجوفة وجلود الحيوانات وغيرها.
وقد رافقت بعض الآلات الإيقاعية الطقوس الدينية عند الكثير من القدماء كالسومريين والبابليين والآشوريين، وكان للطبل بين هذه الآلات منزلة كبيرة أو مقدسة في بعض الحالات.
والآلات الإيقاعية كثيرة، وفيما يلي أهم ما يتداول منها:
أ ـ الآلات ذات الأصوات غير المعيّنة الحدّة:
وفيها الآلات المتميزة الأصوات والآلات الرقيّة.
(1) الآلات المتميزة الأصوات ومنها:
ـ الصنوج cymbals: وهي صحون معدنية رقيقة كبيرة ومقعّرة مصنوعة عادة من النحاس، يراوح قطر الواحد منها بين ثلاثين وستين سنتيمتراً تقريباً، تستعمل إما مفردة بضربها بعصا خشبية أو معدنية تشبه الفرشاة، وإمّا مزدوجة يضرب الصنج الواحد بالآخر، وقد تصنع صنوج ذات نغمة محددة لتتلاءم مع آلات أخرى. وتستخدم الصنوج في مختلف أنواع الفرق الموسيقية ولاسيما العسكرية والراقصة منها. ويعود استعمالها إلى ما بين الألف الأولى والثانية قبل الميلاد في البلاد السورية القديمة والمصرية.
ـ الطبق الرّنان gong:هو طبق كبير من الفولاذ يراوح قطره بين تسعين ومئة وعشرين سنتيمتراً تقريباً، يضرب بعصا طويلة تشبه عصا الطبل الكبير. صوته قوي ذو صدى عميق ومستمر، فيه مسحة من الغموض. وأصل هذه الآلة شرقي آسيوي من جاوة أو الصين، استعملت في أوربة منذ نهاية القرن الثامن عشر.
ـ المقارع (الكاستنييت): وهي قطعتان من الخشب القاسي (أبنوس غالبا) أو النحاس مقعرتان تضرب إحداهما الأخرى. والمقارع شرقية الأصل انتقلت إلى أوربة عن طريق العرب في الأندلس وأصبحت تستعمل في الموسيقى الإسبانية الراقصة. تربط الواحدة منها بالإبهام من كل يد، والأخرى بالسبابة أو الوسطى ثم تطرقان معاً في إيقاعات جذلة متلاحقة. وهناك شكل آخر من المقارع خشبي الصنع ذو قطعتين مربوطتين على طرفي مقبض يدوي طويل.
ـ المثلث triangle: وهو قضيب معدني فولاذي على شكل مثلث مفتوح في إحدى زواياه، يعلقه العازف بإصبع يده اليسرى من إحدى زاويتيه المغلقتين، ويضرب بعصا معدنية صغيرة على أحد أضلاعه أو جميعها، ورنينه بلوري النغم. وكان موتسارت أول من أدخله مع الطبل الكبير والصنوج إلى الأوركسترا، فاستخدم هذه الآلات في أوبراه «اختطاف من السراي» عام 1782م.
(2) الآلات الرَقيّة، ومنها:
ـ الدرابُكَّة أو الدُربَكّة: ويسميها بعضهم «الطبلة»، وهي آلة شعبية عربية مخروطية الشكل دقيقة التجويف في وسطها، يشد على فتحتها الكبرى غشاء جلدي. تصنع من الفخار المشوي أو الخشب أو المعدن. يضع العازف الآلة تحت إبطه أو بين ركبتيه ويقرع على وجهها الجلدي بكلتا يديه، وقد يستعمل أصابعه منفردة لإصدار إيقاعات مميزة. والدرابكة مع الرق، آلتان أساسيتان في فرقة التخت الشرقي [ر. الفرقة الموسيقية] والفرقة الموسيقية العربية الحديثة.
ـ الدف، الرق tambourine: الدف «طارة» خشبية قطرها أقل من ثلاثين سنتيمتراً، يشد على وجهها غشاء جلدي، ويمسك العازف الدف بكلتا يديه عمودياً وينقر عليه بأصابعه. وقد وجد الدف في بلاد ما بين النهرين وما جاورها منذ الألف الثالث ق.م. ويذكر هنري فارمر H.Farmer، المستشرق الإنكليزي، ما ورد في أحاديث الناس من أن الدف نقر عليه لأول مرة في زفاف الملكة بلقيس إلى سليمان. وعرف نوع آخر من الدف أيام العرب وهو الدف المربع الشكل. فقد ورد في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني أن المغني طويس [ر] كان يضرب على الدف المربع. وهناك دفوف كبيرة تسمى مزاهر (ج. مِزْهَر) قطر دائرة الواحد منها خمسون سنتيمتراً تقريباً وقد يزود بعضها بحلقات معدنية صغيرة في إطارها. وكثيراً ما تستعمل المزاهر في بعض الاحتفالات الدينية.
والرق دف مستدير يحوي إطاره ذو التجاويف على صناجات نحاسية صغيرة تعطي أصواتاً مرحة عند هزّها. أخذ الفرنجة هذه الآلة عن الشرق وشاع استعمالها بينهم منذ القرن الخامس عشر، كما تبين لوحات بعض مصوري ذلك العهد.
ـ الطبل الصغير side drum, snare drum: إطار أسطواني عريض خشبي أو معدني يشد على وجهيه غشاءان جلديان، يحمله العازف، معلقاً في وسطه أو على عاتقه أو موضوعاً فوق حامل، ويضرب على وجهه العلوي بعصوين خشبيتين أو معدنيتين (برأس كالفرشاة)، وقد تشد على وجهه الأسفل أوتار من معي الحيوان أو النايلون أو المعدن تتجاوب مع اهتزازات الوجه العلوي المضروب، ويستخدم الطبل الصغير في الإيقاعات المميزة والدقيقة، لذا فهو عماد الفرق الموسيقية العسكرية. ويستخدم كذلك في كثير من الفرق الموسيقية المختلفة. وقد أدخلت هذه الآلة إلى أوربة عن طريق العرب وعرفت هناك منذ القرن الرابع عشر الميلادي.
ـ الطبل الكبير bass drum: وهو أكبر طبول الأوركسترا ويشبه الطبل الصغير. يحمل أو يوضع عمودياً ويضرب على أحد وجهيه، عادة، بمضرب ذي رأس كروي من الصوف القاسي أو اللباد، ويصاحب في معظم الحالات بالصنوج. صوته عميق وقوي، يمكن استخدامه كصوت الرعد أو المدفع.
وقد استخدم الطبل في الفرق الموسيقية العسكرية السلجوقية والمملوكية ثم العثمانية فيما بعد، واستخدم في الفرق الأوربية منذ أواخر القرن الثامن عشر، إلى جانب بعض الآلات الإيقاعية الأخرى. ويستعمل هذا الطبل، كالطبل الصغير، في أنواع كثيرة من الفرق الموسيقية كالأوركسترا والفرق العسكرية وفرق الجاز وغيرها.
ب ـ الآلات ذات الأصوات المعيّنة الحدّة
وفيها الآلات المميزة الأصوات والآلات الرقية.
(1) الآلات المميزة الأصوات، ومنها:
ـ مجموعة الأجراس chimes' bells tubular: جهاز يتألف من عدة أنابيب معدنية رنانة مختلفة الأطوال، معلقة في إطار، تضرب بمطرقة خاصة فتعطي أصواتاً تتطابق مع درجات السلم الموسيقي الملون. تستخدم في الأوركسترا لإصدار أصوات براقة مرحة أو مأسوية تماثل نواقيس الكنائس.
ـ الإكسيلوفون (زايلوفون): آلة تتألف من عوارض متدرجة الأطوال من الخشب القاسي كالأبنوس لتصدر أصوات السلم الملون، مرصوفة كملامس البيانو البيضاء والسوداء وتضرب بمضربين خشبيين.
استخدمت هذه الآلة، منذ القديم، شعوب آسيوية وإفريقية وأمريكة، ولم يتعرفها الأوربيون إلا في القرن السادس عشر. وفي منتصف القرن التاسع عشر أصبحت بدعة فنية في أوربة، تستخدم في الحفلات الموسيقية، لما لها من صوت زجاجي النغم. ومن المؤلفات الموسيقية المتعددة التي استخدمت الإكسيلوفون: متتاليات «كسّارة البندق» لتشايكوفسكي [ر] Tchaikowsky، و«رقصة المقابر» لسان سانس [ر] Saint-Säens الذي مثّل فيها قرقعة عظام الموتى.
وهناك آلة شبيهة بالإكسيلوفون ذات أصل إفريقي تدعى ماريمبا marimba أصبحت شائعة الاستعمال في أمريكة الوسطى.
ـ السيليستا: آلة تشبه البيانو الصغير من حيث الشكل وتتألف من سلسلة رقائق معدنية منغّمة تضرب بمطارق رقيقة رنانة كالأجراس، وقد استهوت تشايكوفسكي فاستخدمها في قطعته «رقصة الجنيّة من باليه» «كسّارة البندق»، فكان أول مؤلف موسيقي يضمها إلى الأوركسترا.
ـ الغلوكنشبيل glockenspiel: (أي صوت الأجراس)، وهي آلة تشبه الإكسيلوفون إلا أن عوارضها المصوتة مصنوعة من معدن رنان كالفولاذ. يتألف مداها الصوتي من ديوانين ونصف، وتستعمل أحياناً مع البيانو. وقد استخدم موتسارت هذه الآلة في أوبراه «الناي السحري» the magic flute، ليصور أصوات الأجراس السحرية. كما استخدمها آخرون من بعده.
(2) الآلات الرقية، ومنها:
ـ التيمباني timpani أو kettledrum: وهي آلة إيقاعية أساسية في الأوركسترا. ويقال إن الأوركسترا التي لا يوجد فيها عازف تيمباني ممتاز ليست من مستوى جيد.
والتيمباني تشبه مرجلاً في شكلها، ويبلغ قطر فوهتها ستين سنتيمتراً تقريباً. تصنع من النحاس وتثبت على حامل دوّار، يشد على الفوهة غشاء جلدي ذو لوالب جانبية لضبط الدرجات الصوتية إضافة إلى «دوّاسة» pédale، وتستعمل لها عدة مضارب مختلفة الأنواع والأشكال. وتضم الأوركسترا عادة، ثلاثاً أو أربعاً من هذه الآلة ذات طبقات صوتية مختلفة لتغطية مدى صوتي واسع، لأن الآلة الواحدة لا تغطي أكثر من خمس درجات. إلا أن عدد هذه الآلات قد يزداد أو ينقص في الأوركسترا بحسب متطلبات القطعة الموسيقية. وكانت الأوركسترا حتى عصر بتهوفن تستخدم آلتي تيمباني، ثم اكتشف المؤلفون الموسيقيون فيما بعد، تأثيرات مهمة لها. فكتب برليوز[ر] Berlioz مثلاً لثمانية أزواج منها في جزء «توبا ميروم» tuba mirum من مؤلفته القداس الجنائزي requiem.
وأصل التيمباني شرقي عربي، كانت تحمل على صهوة جواد وتدعى الكبّارات.
ـ النقّارات: ومفردها نقّارة وهي آلة إيقاع عربية إسلامية. والنقارة طبل من نوع خاص على هيئة قصعة أو طاسة مصنوعة من الفخار أو الخشب أو المعدن، قطر وجهها يقارب العشرين سنتيمتراً وارتفاعها نحو عشر سنتيمترات (وهي الأكثر شيوعاً)، شد على وجهها رق مثبت بحبال أو برقائق جلدية بشكل خيوط قابلة للشد لضبط طبقتها الصوتية، وتقرع بمطرقة ذات رأس معقوف أو مستدير. تحمل النقارات مزدوجة على صهوة جواد أو على ظهر الإبل (وتسمى هذه الأخيرة بنقارية الجمّال) مثبتة على جانبي الدابة. ولكل نقارة صوت يختلف عن الآخر حدة بمقدار فاصلة رباعية أو خماسية، وقد يكون لأحدهما صوت مميز بسبب إحداث ثقب في قعر النقارة. وكان العازف يضرب على الواحدة منهما نقرة قوية «دُمْ» وعلى الأخرى نقرة ضعيفة «تَكْ».
استعملت النقارات والطبول والكوسات في العصور الإسلامية في البدء خمس مرات في اليوم إيذاناً بوقت الصلاة عند باب الحاكم، ثم صارت تستعمل في المناسبات المختلفة مثل الحروب ومواكب الحج والأعياد والاحتفالات الشعبية. وكانت معروفة في سورية القديمة في عصور ما قبل الإسلام. ويذكر المؤرخ بلوتارك (46-120م) Plutarque أن السوريين استخدموا النقارات عوضاً عن النفير في إحدى هجماتهم في حرب الغزاة الرومان الذين كانوا بقيادة الحاكم الروماني كراسّوس (115-53ق.م) Crassus .
وتوضح كثير من الرسوم التي زينت بعض المخطوطات العربية القديمة كيفية استعمال النقارات في العصر الإسلامي. فقد رسم الفنان العراقي يحيى بن محمود الواسطي (القرن 13م) في إحدى مخطوطات مقامات الحريري، المؤرخة عام 1237م، مجموعة من الفرسان يحملون الأعلام والشعارات، يظهر بينهم شخصان ينفخان في النفير، وشخص آخر (في أعلى الرسم) يقرع بعصوين معقوفتين على نقارتين محمولتين على جانبي صهوة جواد. والنقارة هنا هي على شكل كأس كبيرة ذات فتحة واسعة وقاعدة صغيرة، وتشاهد زخارف مختلفة على شكل خطوط على جسم النقارة وعلى الحافة العليا منها موضع تثبيت الغشاء الجلدي وربطه فوق فوهتها.
انتقلت النقارة إلى أوربة في زمن الحكم العربي الإسلامي في الأندلس وفي أثناء الحروب الصليبية بأسماء مماثلة فسميت ناكّيروني naccheroni في الإيطالية، وناكير nacaires في الفرنسية، ونيكرز nakers في الإنكليزية، انطلاقاً من الاسم العربي، وظلت التسمية تلازمها حتى منتصف القرن السادس عشر حين أصبحت تيمباني في الإيطالية، وهي الأكثر شيوعاً، وكيتلدرام في الإنكليزية وتيمبال timbales في الفرنسية.
4 ـ الآلات الموسيقية الكهربائية الإلكترونية
تصنف هذه الآلات في فئتين أساسيتين: كهربائية وإلكترونية. فالكهربائية هي آلات موسيقية تقليدية تعمل المواد المصوتة فيها كالأوتار أو القصبات أو الألسنة المعدنية وغيرها، بفعل الكهرباء كما في الغيتار الكهربائي [ر. الغيتار]. أي أن الكهرباء تكون وسيلة لنقل الاهتزازات الصوتية إلى الآلة من خلال أجهزة تضخيم amplifiers ومكبرات صوت loud speakers، أو أنها واسطة لتسهيل العملية الميكانيكية في الآلة الموسيقية كالأرغن. أما الآلات الإلكترونية فهي التي تستخدم دارات أو صمامات إلكترونية أو ما شابهها لتكون مولدة ومبدلة لمختلف الأصوات فيها. وفي معظم هذه الآلات لوحة ملامس لتسهيل عملية العزف. وفيها كلها مضخم ومكبر للصوت لسماع أصواتها بدقة ووضوح.
ومن الآلات الإلكترونية ما هي أحادية الصوت، كموجات مارتنو ondes Martenot، أي إنها لا تؤدي إلا أصواتاً منفردة، وهي تصلح لأداء الألحان والنغمات الأساسية. ومنها ما هي متعددة الأصوات كأنواع الأورغ الإلكتروني، إذ إنها تستطيع أداء أصوات متعددة في آن واحد (اتفاقات accords, chords).
طُبق استخدام الكهرباء في ميكانيكية الآلات الموسيقية أول مرة عندما اخترع الفرنسي ديلابورد Delaborde عام 1761 آلة هاربسيكورد كهربائية. وبقيت التجارب الميكانيكية الكهربائية تتوالى في القرن التاسع عشر في كل مكان. ومنذ بداية القرن العشرين حتى الحرب العالمية الثانية، ابتكرت آلات موسيقية ذات مولدات رحوية rotary generators وما ماثلها لتحول النبضات الكهربائية إلى أصوات. كما اخترعت آلات متنوعة كانت بداية للآلات الموسيقية الإلكترونية الحديثة مثل الثيرمين (theremin (1920، وموجات مارتنو (1928)، وتر