.
.
[بين هوامِش البحرْ].
تَقذفُ أمواجُ البَحرِ أصْدافهَا الممزُوجَة بِزبدِ البحرِ الخَالص عَلى رِمالِ الشّاطئ النَّاعِمة ،أَلتقط الأَصدافَ ،وأقولُ فيْ نَفسي:" آهٍ مَا أبدع أَلوانها!" ،أُمسِك بِطرفِ ثوبي وَأرفعهُ لِلأَعلى ،وَأضعُ الأصدافَ فيهِ. أُتابِع سَيري بِأقدامِي الحَافيةِ عَلى بساطِ البَحر ،التفتُ خَلفي لِأرى آثار أقدامي قَد ابْتلعتها الأَمواج . أقِفُ وانظر بَعيداً : إلى صَديقي ذو العينين الزّرقاويْن، أَرى تلألؤ عَينيه بِأشعةِ الشّمسِ ،وَكأنهُما زُجاجٌ مُطعّمٌ بشذراتٍ مِن ذهب. انظرُ بَعيداً: أَرى الشّمس تُعانق الأفق ،حَمراء كأنّها قَميص يُوسف المنقوع بِدم الذّئب ،غَدر الزّمانُ بها ،وأرغَمها بِالنزول إلى عَالمها السُّفلي ،إلى فضائها اللامُتناهي. مُجبرَة على فراق الأرْض ،الحياة ، وَالبحر. مُرغمة على البّقاء وَحيدة. ولكنّها سنّة الحياة. هي تؤمن بِذلك ،فترسِل سَناءها للقَمر ،لِتخبِرنا بِأنها لَن تختفي مِن وُجودنا أبداً ،فَهاهو نُورها المُختبئ خَلف سِتارة القمر الباهِت يشعُّ في سماءِ الظُّلمة ، يُنير ليلنا الموحِش.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ