المطلب الثالث : نار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل ببصرى لها
وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تبين أن من علامات الساعة خروج نار من أرض الحجاز تضيء منها أعناق الإبل ببصرى (1) .
فعن
أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا تقوم
الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى » (2) .
قال
النووي - رحمه الله - : " خرجت في زماننا نار بالمدينة سنة أربع وخمسين
وستمائة ، وكانت نارا عظيمة جدا ، من جنب المدينة الشرقي وراء الحرة ،
تواتر العلم بها عند جميع الشام وسائر البلدان ، وأخبرني من حضرها من أهل
المدينة " (3) .
وقال ابن كثير - رحمه الله - : وقد ذكر الشيخ شهاب الدين أبو شامة (4) .
-
وكان شيخ المحدثين في زمانه وأستاذ المؤرخين في أوانه - " في سنة أربع
وخمسين وستمائة في يوم الجمعة خامس جمادى الآخرة ظهرت نار بأرض المدينة
النبوية في بعض تلك الأودية طول أربعة فراسخ ، وعرض أربعة أميال ، تسيل
الصخر حتى يبقى مثل الآنك ، ثم يصير كالفحم الأسود ، وان ضوءها كان الناس
يسيرون عليه بالليل إلى تيماء (5) ، وأنها استمرت شهرا ، وقد ضبط ذلك أهل
المدينة وعملوا فيها أشعارا " (6) .
_________
(1) بصرى : بضم الباء
آخرها ألف مقصورة ، مدينة معروفة بالشام ، ويقال لها حوران ، بينها وبين
دمشق ثلاث مراحل ، فتحها المسلمون عام 13 هـ . معجم البلدان : ( 1 / 441 ) ،
وفتح الباري لابن حجر : ( 13 / 80 ) .
(2) أخرجه البخاري : كتاب الفتن ،
باب خروج النار ( 8 / 100 ) ، ومسلم : كتاب الفتن - باب لا تقوم الساعة
حتى تخرج النار من أرض الحجاز - ( 4 / 2227 ) .
(3) شرح مسلم للنووي ( 18 / 28 ) .
(4)
هو أبو شامة شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي المقرئ
النحوي المؤرخ ، صاحب التصانيف ، ومنها الباعث على إنكار البدع والحوادث ،
توفي سنة 665 هـ . العبر للذهبي ( 3 / 312 ) ، شذرات الذهب ( 5 / 318 ) .
(5)
تيماء : بالفتح ، بلدة تقع شمال المدينة النبوية على بعد ( 420 ) كيلا
والتيماء في الأصل : الأرض التي لا ماء فيها . معجم البلدان ( 2 / 67 ) .
المعالم الأثيرة في السنة النبوية والسيرة ( ص 74 ) .
(6) النهاية في الفتن والملاحم لابن كثير ( 1 / 26 ، 27 ) .