يُخَادِعُونَ اللَّه وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسهمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
قَوْله
تَعَالَى " يُخَادِعُونَ اللَّه وَاَلَّذِينَ آمَنُوا " أَيْ
بِإِظْهَارِهِمْ مَا أَظْهَرُوهُ مِنْ الْإِيمَان مَعَ إِسْرَارهمْ
الْكُفْر يَعْتَقِدُونَ بِجَهْلِهِمْ أَنَّهُمْ يَخْدَعُونَ اللَّه
بِذَلِكَ وَأَنَّ ذَاكَ نَافِعهمْ عِنْده وَأَنَّهُ يَرُوج عَلَيْهِ كَمَا
قَدْ يَرُوج عَلَى بَعْض الْمُؤْمِنِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى" يَوْم
يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ
لَكُمْ وَيَحْسِبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْء أَلَا إِنَّهُمْ هُمْ
الْكَاذِبُونَ وَلِهَذَا قَابَلَهُمْ عَلَى اِعْتِقَادهمْ ذَلِكَ
بِقَوْلِهِ " وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسهمْ وَمَا يَشْعُرُونَ "
يَقُول وَمَا يَغُرُّونَ بِصَنِيعِهِمْ هَذَا وَلَا يَخْدَعُونَ إِلَّا
أَنْفُسهمْ وَمَا يَشْعُرُونَ بِذَلِكَ مِنْ أَنْفُسهمْ كَمَا قَالَ
تَعَالَى " إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّه وَهُوَ خَادِعهمْ "
فلا
يوجد مخلوق، يستطيع أن يخدع خالقه، ولكنهم من غفلتهم، يحسبون أنهم
يستطيعون خداع الله جل جلاله. وفي تصرفهم هذا لا يكون هناك سلام بينهم وبين
الله. بل يكون هناك مقت وغضب.
وهم في خداعهم يحسبون أيضا أنهم يخدعون
الذين آمنوا، بأنهم يقولون أمامهم غير ما يبطنون، ولكن هذا الخداع شقاء
عليهم، لأنهم يعيشون في خوف مستمر، وهم دائما في قلق أو خوف من أن يكشفهم
المؤمنون، أو يستمعوا إليهم في مجالسهم الخاصة، وهم يتحدثون بالكفر ويسخرون
من الإيمان والخوف يملأ قلوبهم أيضا، وهم مع المؤمنين، فكل واحد منهم يخشى
أن تفلت منه كلمة، تفضح نفاقه وكفره.
وهكذا فلا سلام بينهم وبين
المؤمنين .. والحقيقة أنهم لا يخدعون إلا أنفسهم. فالله سبحانه وتعالى،
يعلم نفاقهم، والمؤمنون قد يعلمون هذا النفاق، فإن لم يعلموه، فإن الله
يخبرهم به، واقرأ قول الحق سبحانه وتعالى:
وَلَوْ نَشَاء
لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي
لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ(30)
وهناك آيات
كثيرة في القرآن الكريم يفضح الله سبحانه وتعالى فيها المنافقين وينبئ
رسوله صلى الله عليه وسلم بما يضمرونه في قلوبهم، إذن فخداعهم للمؤمنين،
رغم أنه خداع بشر لبشر، إلا أنه أحيانا تفلت ألسنتهم، فتعرف حقيقتهم، وإذا
لم يفلت اللسان، جاء البيان من الله سبحانه وتعالى ليفضحهم، وتكون حصيلة
هذا كله، أنهم لا يخدعون أحدا، فالله يعلم سرهم وجهرهم، فمرة يعين الله
المؤمنين عليهم فيكشفونهم، ومرة تفلت ألسنة المنافقين فيكشفون أنفسهم.
إذن
فسلوك المنافق، لا يخدع به إلا نفسه، وهو الخاسر في الدنيا والآخرة، عندما
يؤدي عملا إيمانيا، فالله يعلم أنه نفاق، وعندما يحاول أن يخدع المؤمنين
طمعا فيما بأيديهم ولاسيما المال والجاه او رغبة فى تشوية سمعة الابرياء
حقدا وحسدا والنتيجة أنهم يعتقدون انهم حققوا لأنفسهم نفعا، بينما هم لم
يحققوا لأنفسهم إلا الخسران المبين
أن المنافق ليس أميناً مع
نفسه ، ولا مع الناس ، فهو يكذب على نفسه ؛ليرضى الناس ، ويكذب على الناس
؛ليخدعهم عن حقيقته . . والواقع أنه لا يخدعهم ، لأن أعماله لا تصدق أقواله
. . وهذا التعارض بين ما يقول وما يفعل هو الذى يكشف للناس حقيقته مهما
حاول إخفاءها .
ولقد ظهرت ذلَّةُ «عبد اللّه بن اُبي» رئيس حزب
النفاق في واقعة بني المصطلق، وقد منعه ابنه من دخول المدينة، ولم يسمح له
بدخولها إلا بوساطة من النبي صلّى اللّه عليه وآله، وهكذا آل مصير رجل كان
يحلم بالملوكية والسلطان الى أن يمنعه أخصّ أقربائه عن الدخول إلى مسقط
رأسه، فيما كان يطلب هو من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أن يكف عنه
ولده.
إن من الطبيعي أن يعمد رجل مثل هذا إلى فعل كل ما يشفي غليله
ويذهب غيظه، ومن ذلك ترويج الشائعات الكاذبة انتقاماً من المجتمع الاسلامي.
فعندما
يعجز العدوّ عن المواجهة المباشرة يعمد إلى حبك الشائعات، وترويجها
واشاعتها ليستطيع من خلال ذلك، توجيه ضربة نفسيّة إلى المجتمع، وكذا بلبلة
الرأي العام، وإشغاله بالتوافه وصرفه عن القضايا المهمة والمصيرية.
إن سلاح الشائعات من الأسلحة المدمرة التي يمكن أن تستخدم في تشويه سمعة الأفراد الصالحين، وابعاد الناس عنهم.
المنافقون يتهمون شخصاً نقيّ الجيب:
يستفاد من الآيات النازلة في قضيّة «الإفك» أن المنافقين اتهموا شخصاً
بريئاً تحقيقاً لمآربهم الدنيئة، واضراراً بالمجتمع الاسلاميّ، وقد ردّهم وشجب عملهم بشدةّ قل نظيرها، وأبطل خطتهم.
اللهم ابعدنا عنا شرور المنافقين وافضحهم دنيا واخرة
اللهم يا منتقم يا جبار انتقم لامة نبيك محمد عليه افضل الصلاة والسلام من المنافقين وارنا فيهم عجائب قدرتك اللهم امين